تحضير نص إبنتي

  • المقطع: الحياة العائلية

✦ ابنتي ✦

النص «ابنتي» للأديب إبراهيم عبد القادر المازني يرسم مشاهد عاطفية حانية بين أبٍ وابنته، ويبرز أثر الأبناء في بثّ السكينة والفرح في قلوب الآباء.

❖ السند

فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ أَكُونُ جَالِسًا إِلَى مَكْتَبِي قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَأَمَامِي الْآلَةُ الْكَاتِبَةُ، أَدُقُّ عَلَيْهَا، وَأَرْمِي بِوَرَقَةٍ إِثْرَ وَرَقَةٍ، وَإِلَى جَانِبِي فِنْجَانُ الْقَهْوَةِ أَرْشُفُ مِنْهُ، وَأَذْهَلُ عَنْهُ، فَأَحِسُّ رَاحَتَيْكِ الصَّغِيرَتَيْنِ عَلَى كَتِفِي، فَأُدِيرُ وَجْهِي إِلَيْكِ، وَأَرْفَعُ وَجْهِي لِأُصْبِحَ عَلَى بُسْتَانِ وَجْهِكِ، وَأَسْتَمِدَّ مِنْ عَيْنَيْكِ النَّجْلَوَيْنِ مَا أَفْتَقِرُ إِلَيْهِ مِنَ الْجَلَدِ وَالشَّجَاعَةِ، وَأَرْفَعُ يَدَيَّ فَأُطَوِّقُكِ بِذِرَاعِي، وَأَضُمُّكِ إِلَى صَدْرِي، أَلْثُمُ خَدَّكِ وَأَمْسَحُ عَلَى شَعْرِكِ الْأُثِيثِ الْمُرْسَلِ عَلَى ظَهْرِكِ، وَجَانِبِ مُحَيَّاكِ الْوَضِيءِ، وَأَنْشُرُ فِي كَهْفِ صَدْرِي الْمُظْلِمِ نُورَ الْبِشْرِ وَالطَّلَاقَةِ، فَتَدْفَعِينَ ذِرَاعَكِ الْغَضَّةَ، وَتَتَنَاوَلِينَ بِبَنَانِكِ الدَّقِيقَةِ وَرَقَةً مِمَّا كَتَبْتُ، وَتَرْفَعِينَهَا أَمَامَ عَيْنَيْكِ، وَتَزْوِينَ مَا بَيْنَهُمَا.

وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْكِ وَفِي قَلْبِي سَكِينَةٌ وَجَوًى مِنْ قُرْبِكِ الْمُعَطَّرِ بِمِثْلِ أَنْفَاسِ الرَّوْضَةِ الْأُنْفِ فِي الْبُكْرَةِ النَّدِيَّةِ، وَأَلْمَحُ شَفَتَيْكِ الرَّقِيقَتَيْنِ تَخْتَلِجَانِ، وَعَيْنَيْكِ تَلْمَعَانِ، فَتَطِيبُ نَفْسِي بِسُرُورِكِ الصَّامِتِ، ثُمَّ أَسْمَعُ ضِحْكَتَكِ الْفِضِّيَّةَ، وَتَرْمِينَ رَأْسَكِ عَلَى ذِرَاعِي، وَيَنْسَدِلُ شَعْرُكِ الذَّهَبِيُّ الْمُتَمَوِّجُ كَالسِّتَارِ، وَتُصَافِحُ سَمْعِي مِنْ ضَحَكَاتِكِ الْعَذْبَةِ مَوْجَاتٌ لَيِّنَةٌ، ثُمَّ تَعْتَمِدِينَ عَلَى سَاقِي، وَتَدْفَعِينَ ذِرَاعَيْكِ، فَتُطَوِّقِينَ بِهَا عُنُقِي، وَتَجْذِبِينَ وَجْهِي إِلَيْكِ، وَلَكِنَّكِ تُشْفِقِينَ عَلَى رِقَّةِ شَفَتَيْكِ مِنْ خُشُونَةِ خَدِّي، فَتَلْثِمِينَ أُذُنِي الطَّوِيلَةَ وَتَعَضِّيْنَهَا أَيْضًا فَأَصْرُخُ، فَتَخْرُجِينَ بَعْدَ أَنْ خَلَّفْتِ فِي صَدْرِي انْشِرَاحًا، وَفِي قَلْبِي رِضًا، وَفِي رُوحِي خِفَّةً، وَفِي أَمَلِي بَسْطَةً وَاتِّسَاعًا، وَفِي خَيَالِي نَشَاطًا، فَأَضْطَجِعُ مُرْتَاحًا، وَأُغْمِضُ عَيْنِي الْقَرِيرَةَ بِحُبِّكِ.

إِبْرَاهِيمُ عَبْدُ الْقَادِرِ الْمَازِنِي

❖ التمهيد للمقطع

ما اللّبنة الأولى في بناء المجتمع؟ ممّ تتكون الأسرة؟ ما طبيعة العلاقات بين أفرادها؟

قال رسول الله ﷺ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنّ دَخَلَ الجَنَّةَ ، قِيلَ : وَاثْنَتَانِ ؟ قَالَ : واثْنَتَانِ ، قِيلَ : وَوَاحِدَةٌ ؟ قَالَ : وَوَاحِدَةٌ». فلا راحة إن غاب الأولاد؛ إذ هم زينة الحياة الدّنيا. سنقف اليوم على مدى صحّة ذلك عبر هذا النص.

❖ الانطلاق من وضعيّة تعلّميّة

أحيانًا نجلس للعمل قبل طلوع الشمس، لكن لمسة طفلٍ أو ابتسامته قد تغيّر مزاجنا كليًّا. إلى أيّ حدٍّ يؤثّر حضور الأبناء في نفس الوالدين؟

❖ أسئلة الفهم وأجوبتها

س1: من هما الشخصيتان البارزتان في النص؟

ج: الكاتب (الأب) وابنته.

س2: ما الشعور الذي يكنّه الأب لابنته؟

ج: تعلّق شديد ومحبة كبيرة تملأ قلبه سكينةً وسرورًا.

س3: ما عمل الأب اليومي قبل طلوع الشمس؟

ج: يكتب على الآلة الكاتبة ويحتسي القهوة.

س4: علام يدلّ وصف الكاتب لابنته ولمساته الحانية؟

ج: يدلّ على عمق الحبّ وصدق العاطفة وشعور الأب بسعادة وراحة بقربها.

س5: ما أبرز الأوصاف التي نُعتت بها الابنة؟

ج: شفتان رقيقتان، عينان لامعتان، ضحكة فضّية عذبة، شعر ذهبي متموّج.

س6: ما الأثر الذي تتركه الابنة في أبيها عند خروجها؟

ج: انشراح في صدره، ورضًا في قلبه، وخفّة في روحه، وبسطةً واتّساعًا في الأمل، وراحةً تُقرّ عينه.

❖ أفهم النص: مراقبة الفهم العام

  • الشخصيّتان البارزتان: الكاتب (الأب) وابنته.
  • الشعور العام: حبٌّ كبير وتعلّقٌ شديد من الأب بابنته.

الفكرة العامّة: حبّ الكاتب لابنته وتعلّقه الشديد بها، والعلاقة الحميمية بين الأب الحاني وابنته البريئة.

❖ المناقشة والتحليل واستنباط المعطيات

أ) تقسيم النص إلى وحداته الجزئية

  • الفقرة الأولى [في بعض الأحيان… وتزوين ما بينهما]: يصف الكاتب عمله صباحًا على الآلة الكاتبة، ثم حضور ابنته الذي يقطع انشغاله فيفيض حنانًا ويطوّقها ويضمّها ويقبّلها، ويستمدّ من عينيها الجلد (الصبر).
  • الفقرة الثانية [وأنا أنظر… القريرة بحبّك]: مشاهدُ وجدانية تُظهر سكينة الأب وسروره بضَحِك ابنته وبراءتها، وكيف يغادره التعب ليحلّ مكانه الانشراح والرضا والراحة.

ب) الأفكار الأساسية

  • الفكرة الجزئية الأولى: سرور الأب بطلعة ابنته عليه؛ قدومها يبدّد سكونه ويشيع الفرح والحبور.
  • الفكرة الجزئية الثانية: نظرة كلٍّ من الأب والابنة للآخر؛ قربُ البنت سببُ راحته وانشراحه وقرّة عينه.

❖ أعود إلى قاموسي: أفهم كلماتي

  • أرشف: أحتسي وأشرب.
  • أفتقر إليه: أحتاجه بشدّة.
  • أطوّقك: أحضنك وأضمّك بذراعيّ.
  • ألثم: أقبّل.
  • البِشر والطلاقة: البشاشة والمسرّة.
  • الغضّة: الطرية.
  • بنانك: الأصابع.
  • جوًى: حبّ شديد.
  • ينسدل: ينزل بلطف.
  • بَسطة: سعة واتّساع.

❖ المغزى العام والقيم التربوية

الأبناء زينة الحياة الدنيا، وقربهم يجلب السكينة والفرح لقلوب الوالدين.

قال تعالى: { الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } – الكهف: 46.

  • القيم: المحبة، الرحمة، السكينة الأسرية، حنان الأب، براءة الطفولة.

❖ تلخيص نص ابنتي

يصف الكاتب إبراهيم عبد القادر المازني في نص «ابنتي» مشاعره تجاه ابنته الصغيرة، حيث كان يجلس يكتب على آلته الكاتبة في الصباح الباكر ويحتسي القهوة، فتفاجئه ابنته بلمسة حانية تملأ قلبه بالحب والسكينة. يترك عمله ليحتضنها ويقبّلها، ويستمد من نظراتها القوة والصبر.

ثم يصف براءتها وضحكتها العذبة، وشعرها الذهبي المتموّج، وكيف تداعبه بحركات طفولية تملأ نفسه بالرضا والانشراح، وتجعله ينسى التعب والهموم. عند خروجها، يظل أثرها في قلبه فرحًا وأملاً وسكينة، فينام مرتاح البال قرير العين.

تحضير جميع نصوص اللغة العربية للجيل الثاني

2