✦ أمّ السّعد ✦

نصّ “أم السعد” من أبرز النصوص التي وردت ضمن محور الأسرة والعائلة للكاتب أبو العيد دودو، وهو موجّه لتلاميذ السنة الأولى متوسط. يعرض النصّ صورة حيّة لامرأة صبورة، مضحية، ومخلصة، عاشت حياة مليئة بالتحديات لكنّها بقيت رمزًا للوفاء والعطاء.

❖ السند

كَانَتْ أمّ السَّعْدِ امْرَأَةً في الْعَقْدِ الْخَامِسِ مِنْ عُمْرِها، طَوِيلَةَ الْقَامَةِ رَقِيقَةَ الْعُودِ، بَيْضَاءَ الْبَشرَةِ، مَرْفُوعَةَ الرَّأْسِ أَبَداً، ذَاتَ نَظْرَةٍ لا تَخْلُو مِنْ حِدّةِ. وَقَدْ وَخَطَ الشّيْبُ شَعْرَها، وَلَكِنّها لاَ تَزَالُ تَحْتَفِظُ بِالْكَثيرِ مِنْ نَشَاطِها وَحَيَوِيَّتها.

نَشَأَتْ أُمُّ السَّعْدِ في قَرْيَتها، الْوَاقِعَةِ عَلَ ضَفّةِ الْوَادِي وَبِهَا عَاشَتْ وَتَزَوّجَت.

تزوجها ابْنُ عَمِّها، وَهِيَ لَمْ تَبْلُغِ السّادِسَة عَشْرةَ مِنْ عُمْرِها؛ ولَكِنَّها كانَتْ كَامِلَة النُّضُوجِ في وَقْتٍ مُبَكّر. وَقَدْ تجَلّى كلُّ ذلك في حَدِيثِها وَتَصَّرفاتِها الْمُتَّزِنَة، فَأحَبَّها زَوْجُها لِخُلُقِها وَحُسْنِ سُلوكِها، ودَأَبَ عَلى احْتِرامِها وَتَقْدِيرِها مُنْذُ بِدَايَةِ حَياتِهِ الزَّوْجِيّةِ مَعَهَا.

مَاتَ عَنْها زَوْجُها، عِنْدَما بَلَغَتِ الْأرْبَعِينَ مِنْ عُمْرِها فَحَزِنَتْ عَلَيْهِ حُزْناً بالِغاً، انفْطَرَ لهَ قَلْبُها، وَبَكَتْهُ بِدمُوعٍ مُخْلِصةٍ مِمَّ أثَّرَ في صِحّتِها وَأَنْحَلَها، وغَيَّر مَلامِحَها بَعْضَ الشّيءِ.

مُنْذُ تِلْكَ الْفَاجِعَةِ الّتي ألَمّتْ بِها، أَخَذَتْ هيَ نَفْسُها تعْتَنِي ببُسْتانِها وَدَارِها. وَلَمْ تَكُنْ تَقْبَل أن يُسَاعِدَها أَوْلادُها في الْقِيام بِأَمْرِ الْبُسْتَانِ، لِأنَّ أَعْمَالهُم كَانَتْ تَتسِّمُ بِالسُّرعَةِ والابْتِسَار.

غَيرْ أَنَّها لَمْ تَأْسَفْ لِذَلِكَ؛ لَمْ يَكُنْ مِنَ الصّعْبِ عَلَيْها أَن تُؤَدّي الْعَمَلَ وَحْدَها. وَكَانَتْ تَشْعُر باعْتِزاَزٍ كُلّما انْتَهَتْ مِنَ الْقِيَامِ بِعَمَلٍ ما. فَقَدْ تَعَوّدَتْ أَنْ تُرَاقِبَ زَوْجها في حَيَاتهِ وَهُوَ يُؤدّي وَاجِبهُ في الْبُسْتَان؛ فَأُعْجِبَتْ بِمهَارتِه، وَتَعَلّمَتْ عَنْهُ حُبَّ الْجَماَلِ والتّنْسيقِ والرِّعايةِ.

أبو العيد دودو

❖ تمهيد

الأسرة هي اللّبنة الأولى في بناء المجتمع، ومنها تتكوّن العلاقات الإنسانية القائمة على المحبة والإخلاص. نصّنا اليوم يُبرز نموذجًا للمرأة الصابرة التي ضحّت من أجل أسرتها، وجسّدت قيم التضحية والوفاء.

❖ مناقشة النص

من خلال قصة أمّ السّعد، نتعلّم أن الصبر والتضحية هما أساس بناء شخصية قوية. فقد جسّدت مواقف الوفاء تجاه زوجها، ومواقف العطاء تجاه أبنائها. النصّ أيضًا يبرز مظاهر البيئة الريفية التي عاشتها الأسرة، وما تحمله من قيم الأصالة والبساطة.

❖ أسئلة الفهم وأجوبتها

❖ القيم التربوية

• الصبر على الشدائد.
• الإخلاص والوفاء للأسرة.
• التضحية والعطاء دون مقابل.
• حب الجمال والنظام والعمل المتقن.

❖ الفكرة العامة

صبر أمّ السّعد وتضحياتها دليل على إخلاصها ووفائها، وهي نموذج يُحتذى به في حياتنا اليومية.

❖ القيم التربوية المستفادة

التضحية، الإيثار، الإخلاص، الوفاء، الصبر، المحبة.

❖ ملخص نص أم السعد

كانت أمّ السّعد امرأة في العقد الخامس من عمرها، طويلة القامة، رقيقة العود، بيضاء البشرة، مرفوعة الرأس دائمًا. خطّ الشيب شعرها لكنها احتفظت بنشاطها وحيويتها. نشأت في قريتها وتزوجت ابن عمها وهي صغيرة السن، لكنها كانت ناضجة في تصرفاتها. أحبها زوجها لاحترامها وحسن سلوكها.

عندما توفي زوجها حزنت عليه حزنًا عميقًا أثّر في صحتها، لكنها لم تستسلم، بل واصلت العناية ببستانها ودارها، رافضة مساعدة أبنائها، لأنها تعوّدت على العمل بإتقان كما كان زوجها يفعل.

❖ فضل اللغة العربية

تظهر قدرة اللغة العربية في حفظ النصوص الأدبية والتعبير عن أروع المعاني الإنسانية. فهي وسيلة لتوثيق مشاعر الوفاء والتضحية التي جسّدتها أمّ السّعد، كما أنها تحفظ تراثنا الأدبي والثقافي من الضياع.