تحضير نص سهرة عائلية

  • المقطع: الحياة العائليّة

✦ سهرة عائلية ✦

لا يشبع الإنسان من الاجتماع بأسرته، ولا يملّ مجالسة أفرادها. فكيف نسمّي هذا اللقاء الليلي مع عائلته؟ سهرة عائلية. سنصاحب اليوم أسرةً في سهرتها، ونقف على أبرز مظاهرها وأجوائها.


❖ السند :

كَانَ تَحَلَّقْنَا حَوْلَ أَبِي فِي السَّهْرَةِ حَوْلَ المِدْفَأَةِ، هِيَ الفَتْرَةُ الوَحِيدَةُ الَّتِي نَجْتَمِعُ فِيهَا إِلَيْهِ؛ فَنَحْنُ لَمْ نَكُنْ نَأْكُلُ مَعَهُ، لِأَنَّ إِصَابَتَهُ بِدَاءِ السُّكَّرِ مُنْذُ سَنَوَاتِ شَبَابِهِ كَانَتْ تَفْرِضُ عَلَيْهِ نِظَامًا خَاصًّا لِلْأَكْلِ، وَمِنْ هُنَا كَانَ يَتَجَنَّبُ الْجُلُوسَ إِلَى مَائِدَتِنَا خَشْيَةَ أَنْ تَمْتَدَّ يَدُهُ لِلْمُحَرَّمَاتِ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْمَرَضِ.

أَمَّا فِي السَّهَرَاتِ الشِّتَوِيَّةِ فَقَدْ كَانَ يُقَاسِمُنَا أَحْيَانًا أَكْلَ البُرْتُقَالِ وَالْجَوْزِ، وَكَانَتْ إِجْرَاءَاتُ تَكْسِيرِ الْجَوْزِ وَتَقْشِيرِ البُرْتُقَالِ الَّتِي تَتَوَلَّاهَا أُمِّي غَالِبًا مِنْ بَيْنِ الطُّقُوسِ الَّتِي نَحْرِصُ عَلَى حُضُورِهَا. وَكُنْتُ أَتَعَجَّبُ كَيْفَ يُفَضِّلُ أَبِي أَكْلَ البُرْتُقَالِ الْحَامِضِ، فِي الوَقْتِ الَّذِي كُنَّا فِيهِ نَحْنُ الصِّغَارَ نَتَنَازَعُ صِنْفًا مِنَ البُرْتُقَالِ الحُلْوِ لَمْ أَعُدْ أَجِدُ لَهُ أَثَرًا فِي الأَسْوَاقِ اليَوْمَ.

وَكَانَ اسْتِهْلَاكُ الأُسْرَةِ لِلْجَوْزِ عَالِيًا، فَهُوَ – زِيَادَةً عَلَى سَهَرَاتِ الشِّتَاءِ – يُسْتَعْمَلُ فِي صُنْعِ الْحَلْوَيَاتِ، لِأَنَّ وُجُودَ بَعْضِ أَصْنَافِ الْحَلْوَى كَانَ ضَرُورِيًّا عَلَى مَدَارِ السَّنَةِ، وَلَيْسَ فِي الأَعْيَادِ فَقَطْ؛ فَلَمْ يَكُنْ يَصِحُّ أَنْ يَأْتِيَ زَائِرٌ عَلَى حِينِ بَغْتَةٍ دُونَ أَنْ يَكُونَ فِي وُسْعِ أُمِّي أَنْ تُقَدِّمَ لَهُ بَعْضَ الْحَلَوِيَّاتِ.

أَذْكُرُ أَنَّ مَنْظَرَ جَوْزَةٍ بَيْضَاءَ، قِشْرَتُهَا نَاصِعَةٌ، اسْتَهْوَاهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَأَصَرَّ عَلَى أَنْ يَكْسِرَهَا بِنَفْسِهِ. وَكَمْ كَانَتْ دَهْشَتُهُ وَدَهْشَتُنَا كَبِيرَةً عِنْدَمَا وَجَدَ بِدَاخِلِهَا كُتْلَةً سَوْدَاءَ لَا تُشْبِهُ لُبَّ الْجَوْزِ مِنْ بَعِيدٍ وَلَا مِنْ قَرِيبٍ.

— أَعُوذُ بِاللَّهِ… هَذِهِ الجَوْزَةُ مِثْلُ المُنَافِق! (كَانَ تَعْلِيقُهُ). فَضَحِكَتْ أُمِّي لِتَعْلِيقِهِ، وَضَحِكْتُ مُعْجَبًا بِبَدَاهَةِ التَّعْلِيقِ وَدِقَّةِ التَّشْبِيهِ.

محمد الميلي – ضمن : مبارك الميلي – تاريخ الجزائر في القديم وحديث ج1 – ص 19


❖ الفكرة العامة

وصفُ سهرةٍ عائليةٍ شتويةٍ دافئةٍ التفَّ فيها أفراد الأسرة حول المدفأة، وتقاسموا البرتقال والجوز في أجواء المودّة والمرح.


❖ الأفكار الأساسية

  • الأولى: مرضُ الأب منعه من مشاركة الأسرة مائدتها، لكنّه شاركهم دفءَ السهرة حول المدفأة وبعض الفاكهة.
  • الثانية: للجوز حضورٌ في الحلويات والسهرة، ومشهد الجوزة «المنافقة» أضفى طرافةً وبهجةً.

❖ أسئلة الفهم وأجوبتها

1) متى يجتمع أفراد الأسرة مع أبيهم؟

ج: في السَّهَرات الشّتوية حول المدفأة.

2) ما سبب عدم جلوس الأب على المائدة مع عائلته؟

ج: إصابته بداء السكّري الذي يفرض عليه نظامًا خاصًا للطعام.

3) ما الأشياء التي كان يقاسمهم إياها الأب؟

ج: أكل البرتقال (خاصة الحامض) والجوز.

4) لماذا كان استهلاك الأسرة للجوز عاليًا؟

ج: لأنه يُستعمل في السهرة وصنع الحلويات، ولاستقبال الضيوف في أي وقت.

5) ما الحدث الطريف في السهرة؟

ج: كسر الأب جوزةً بيضاء فوجد بداخلها كتلةً سوداء، فشبّهها بالمنافق فضحك الجميع.


❖ القيم المستفادة

  • السهرات العائلية تزيد التماسك والترابط.
  • الاهتمام بالضيف وإكرامه جزء من عاداتنا الأصيلة.
  • مراعاة ظروف المرضى وتيسير المشاركة الاجتماعية لهم.
  • البهجة العائلية تصنعها البساطة وروح الدعابة.

❖ أثري لغتي

  • تَحَلَّقْنَا: اجتمعنا حلقة.
  • بَغْتَةً: على حين غِرّة.
  • استهوى: راقَهُ وأعجبه.
  • بداهة: سرعة البديهة وحضور الجواب.

❖ أقوِّم مكتسباتي

سؤال: هل تجد مثل هذه السهرة العائلية في واقع أسرتك؟ صفها في فقرة من خمسة أسطر.

جواب (نموذجي): نعم، أجد مثل هذه السهرة في واقع أسرتي. ففي ليالي الشتاء الباردة نجتمع جميعًا في غرفة المعيشة، حيث تحضّر أمّي لنا بعض المكسرات والشاي الساخن، ويبدأ أبي في سرد ذكرياته القديمة فننصت إليه بإعجاب. تتخلل الجلسة ضحكات ونقاشات بسيطة، وأحيانًا نتابع برنامجًا معًا أو نستمع لقصص الجدّة. هذه اللحظات تمنحنا شعورًا بالأمان والطمأنينة، وتزيد تقديرنا لقيمة العائلة وروابطها.

تحضير جميع نصوص اللغة العربية للجيل الثاني

2