تحضير نص قلق ممض

  • المقطع: الآفات الاجتماعية

✦ قَلَقٌ مُـمِضّ ✦

تنتشر في المجتمع ظواهر سلبية تُسمّى الآفات الاجتماعية مثل السرقة والاعتداءات وتعاطي الممنوعات. نصّنا يرصد تجربة مراهقين مع إغراء السرقة وكيف يتصارع الضمير بين ضغط الرفاق والقيم الأخلاقية.


❖ السند

السَّماءُ دكناءُ ولا هَبَةَ ريحٍ تُحرِّكُ تلك الغُيومِ الثِّقالَ التي تجمَّعتْ في أرجائها، “مراد” لا يَدري ما يفعله للتخلُّص من مَلَلِه؛ فالحيُّ يكادُ يكونُ خالياً في هذه الساعة، ما العملُ؟ أَيَنزِل نحو المدينة؟ وأخيراً وجدَ نفسَهُ يقترح على صديقَيْهِ “رزقي” و”محمد” التوجُّهَ إلى الدُّكان لشراءِ حبَّةٍ من الجوزِ الهنديِّ، إلَّا أنَّ “رزقي” أخبره أنَّ النقودَ الموجودةَ في جيبِهِ لا تَكفي، واقترحَ عليه الحصولَ على حبَّةِ جَوْزٍ في غَفْلةٍ من صاحبِ الدُّكان، والذهابَ إلى الطَّرفِ الشرقيِّ من الحيِّ لاقتسامِها.

ولم يُجَدِّدْ “مراد” الفكرةَ، ولكنَّه وجد نفسَه يوافق “رزقي” على ذلك بشرطِ أن يقفَ هو عن بُعدٍ، ولا يكونَ له ضلعٌ في العمليَّة. وقَفَ “مراد” عن بُعدٍ يتأمَّلُ تَنقُّلاتِ صديقِه بالقربِ من الدُّكان، فأصابَه قَلَقٌ مُـمِضٌّ، فقد خَشيَ أن ينكشفَ أمرُ “رزقي” ويَنكشفَ بذلك أمرُه هو. أيمكنُ أن يكونَ شريكاً في مثلِ هذه السَّرقة؟ يا لَخيبةِ أملِه! لقد صار سارقاً. الأفضلُ له ألَّا يبلُغَ الأمرُ مسامِعَ الأطفالِ في الحيِّ!…
وإذا بصوتِ صاحبِ الدُّكان ينطلقُ بقوَّةٍ من أعلى الزَّقاق: سوف أقبِضُ عليكم… إني أعرفُكم واحداً واحداً!!. ولم يجد “مراد” بُدّاً من الهروب.

وتحوَّل قلقُهُ إلى قَرَفٍ، وتمنَّى لو يتوقَّفُ آنِئذَ ويعودُ إلى صاحبِ الدُّكان ويؤكِّدَ له أن لا دخْلَ له في السَّرقة، ولكنْ أَنَّى له ذلك؟ إنَّه يكونُ جباناً في نظرِ أطفالِ الحيِّ إنْ هو عادَ القَهْقَرَى، إلَّا أنَّه وهو يَجري قال لنفسِه: «مِنَ الأفضلِ أن أكونَ جَباناً لا سارقاً…» وبينما كان “رزقي” يَكسِرُ حبَّةَ الجوزِ بحجرٍ صَلْدٍ عادَ “مراد” يَنْحى باللَّائمةِ على نفسِه وينظرُ إليه نظرةَ اشمِئزازٍ، وهو يُقسِمُ في أعماقِه ألَّا يتناولَ شيئاً منها.

امرَزاق بقطاش – طيورٌ في الظَّهيرة – ص 105–106.


❖ أسئلة الفهم وأجوبتها

1) لماذا اقترح «رزقي» أخذ الجوز خلسة؟

ج: لأن النقود لا تكفي ولحبّهم للجوز؛ فاستسهل السرقة بدل الصبر أو طلب الحلّ المشروع.

2) ما موقف «مراد» أولاً ثم أخيرًا؟

ج: تردد ثم وافق بشرط الوقوف بعيدًا، لكنه في النهاية رفض الفعل في داخله وتعهد ألا يشارك ولا يأكل منه.

3) ما الدلالات التربوية لعبارته: «من الأفضل أن أكون جبانًا لا سارقًا»؟

ج: شجاعة أخلاقية؛ اعتبار سمعة الضمير أهم من نظرة الرفاق؛ تقديم الحلال على مجاراة الصحبة السيئة.

4) كيف صوّر الكاتب الصراع الداخلي لمراد؟

ج: عبر القلق المُمِضّ، الخوف من الفضيحة، الاشمئزاز من الذات، ثم قرار الامتناع.

5) ما المغزى من مشهد «الجوز» في النهاية؟

ج: يرمز لثمرةٍ حُصِّلت بطريقةٍ خاطئة؛ رفضُ أكلها إعلانُ براءةٍ وتوبةٌ داخلية.


❖ الفكرة العامة

صراعُ مرادٍ النفسيّ بين مسايرةِ صديقه في السرقة والإنصاتِ إلى ضميره، وانتهاؤه إلى رفض المشاركة والاشمئزاز من الفعل ومن نفسه لتردده.


❖ الأفكار الأساسية

  • الفكرة الأساسية 1: مللُ الأولاد وإغراءُ «رزقي» بالسرقة بدعوى قِلّة النقود.
  • الفكرة الأساسية 2: قلقُ مرادٍ ومراقبتُه من بعيد وخوفُه من الفضيحة والمسؤولية.
  • الفكرة الأساسية 3: انكشافُ الأمر وصياحُ صاحب الدكان، وهروب مراد.
  • الفكرة الأساسية 4: تَوبَةُ مراد الداخلية: «أن أكون جبانًا لا سارقًا» ورفضه أكلَ الجوز المسروق.

❖ المناقشة والتحليل

  • البيئة والسياق: فراغ، ملل، شارع شبه خالٍ؛ ظروف محفزة على السلوك الخاطئ إن غاب الضبط الذاتي.
  • الشخصيات: مراد (ضمير يقظ متردد)، رزقي (مُغري بالفعل)، محمد (مرافق).
  • المشكلة: سرقة جوزة من دكان.
  • الحل القيمي: الاعتراف الداخلي بالخطأ وقطع المشاركة ورفض ثمرة السرقة.

❖ أثري لغتي

  • دكناء: شديدة السواد/الظلمة.
  • هَبَة ريح: نفخة خفيفة.
  • قَلَق مُـمِضّ: مؤلم شديد الإلحاح.
  • القَهقَرى: الرجوع إلى الخلف.
  • صَلْد: شديد الصَّلابة.
  • يَنْحى باللائمة: يُحمّل نفسه الذنب.

❖ القيم التربوية

  • اختيار الرفيق الصالح ومقاومة ضغط الأقران.
  • الشجاعة الأخلاقية في رفض الباطل ولو ظنّك الناس «جبانًا».
  • التوبة العملية: الامتناع عن أكل المال الحرام.
  • ملء أوقات الفراغ بما ينفع لتفادي الانزلاق.

❖ أقوِّم مكتسباتي

سؤال: دُعيتَ لمشاركة زملاء في فعلٍ خاطئ «صغير» برأيهم (غشّ، نسخ ملفّ مقرصن، أخذ شيء بلا إذن). اكتب فقرة من 5 أسطر توضّح قرارك، وحججك، وكيف تحافظ على صداقاتك دون التورّط.

جواب (نموذجي): أرفض الفعل لأنّ صغار الأخطاء تُعوّد على كبارها، وأوضّح أن السمعة والضمير أثمن من مجاملة عابرة. أقترح بدائل مشروعة (الاستئذان/الشراء/العمل بنزاهة)، وأؤكد أن الصديق الحقّ لا يجرّ صديقه للخطأ. أحافظ على العلاقة بالاحترام، لكنّي أضع حدًّا واضحًا لما يخالف القيم.

تحضير جميع نصوص اللغة العربية للجيل الثاني

3