تحضير نص الضحية والمحتال

  • المقطع: قضايا اِجتماعية

✦ الضحيّة والمحتال ✦

كما استغلّ الثعلبُ غرورَ الغراب لينتزع قطعة الجبن، يوظّف عيسى بن هشام الذكاءَ والحيلة ليُسقط السوادي في فخّ الضيافة الكاذبة.
هنا نرى محتالًا يقوده الجوع وضحيةً أغراها الطمع.

❖ السند :

حَدَّثنا عيسى بْنُ هِشَامٍ قال : اشْتَهَيْتُ الأَزَاذَ وأنا ببغداد، وليس معي عَقْدٌ على نقد ؛ فخرجت أنتهز محاله حتّى أحلّني الكَرْخَ ، فإذا أنا بسوادي يَسُوقُ بِالجَهْدِ حماره ويُطَرِّفُ بالعُقَدِ إزاره ؛ فقلت : ظفِرْنا واللَّهِ بِصَيْدٍ ، وحَيَّاكَ اللَّهُ أبا زَيْدٍ… مِنْ أَيْن أقبلت ؟ وأين نزلت ؟ ومتى وافَيْتَ ؟ وهلُمَّ إلى البيت. فقال السوادي : لستُ بِأَبِي زَيْد، ولكني أبو
عُبَيْدٍ. فقلتُ : نَعَمْ، لَعَنَ اللهُ الشَّيطانَ، وأبْعَدَ النِّسيانَ، أَنْسَانِيك طول العهد، واتصال البُعدِ، فَكَيْفَ حال أبيك ؟ أشاب كعهدي أم شابَ بَعدي ؟ فقال : قد نَبَتَ الرّبيع على دمنته وأرجو أن يُصَيَّرُهُ اللهُ إلى جنّته. فقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العَليّ العظيم… ثم قلت : هَلُمَّ إلى البيتِ نُصِبْ غَدَاءً، أو إلى السُّوقِ نَشْتَرِ
شواء، والسوق أقْرَبُ وطعامه أطْيَبُ. فَطَمِعَ ولم يعلم أنه وقع.

ثمَّ أَتَيْنا شَوَّاءً يتقاطرُ شِوَاؤُه عَرَفًا ، وتَتَسَايَلُ جُوذاباتُهُ مَرَقًا، فقلتُ : أَفْرِزْ لأبي زَيْدٍ مِنْ هذا الشواء، ثمّ زِنْ له من تلك الحَلْوَاءِ ، واخْتَرْ له من تلك الأطباق، وانضد عليها أوراق الرُّقَاقِ، ورُشَّ عَلَيها شيئا من ماء السُّمَّاق، لِيَأْكُلَهُ أبو زَيْدٍ هَنِيًّا. فَانْحَنَى الشَّوَّاءُ بساطوره على زُبْدَةِ تَنُّورِهِ فجعلها كالكحل سَحْقًا وكالطَّحْنِ دَقَّا، ثُمّ جلس وجلستُ، ولا نَبَسَ ولا نَبَسْتُ حتَّى اسْتَوْفَيْناهُ. وقلتُ لصاحبِ الحَلْوَى : زِنْ لأبي زَيْدٍ مِنَ اللَّوْزِينَجِ رطلين ليأكله أبو زَيْد هَنِيّا. فَوَزَنَهُ ثمّ قَعَدَ وقعدتُ، وجَرَّدَ وجَرْدتُ، حَتَّى اسْتَوْفَيْنَاهُ.

ثم قلت : يا أبا زَيْدٍ، ما أَحْوَجَنا إلى ماءٍ يُشَعْشَعُ بالثلج لِيَقْمَعَ هذه الصَّارَةَ ويَفْتَأُ هذه اللُّقَمَ الحارة، اجْلِسْ يا أبا زَيْدٍ حتّى آتِيكَ بسقاء، يأتيكَ بِشَرْبَةِ ماء.

ثم خرجت وجلست بحيث أراهُ ولَا يَرَانِي أنظُرُ ما يصنع . فلما أبطأتُ عَلَيْه قام السوادي إلى حماره، فاعْتَلَقَ الشواء بإزاره ، وقال : أين ثمن ما أكلت ؟ فقال أبو زَيْدٍ : أكلتُهُ ضَيْفًا، فَلَكَمَهُ لَكْمَةً، وَثَنَّى عليه بِلَطْمَةٍ، ثمّ قال الشواء : هاك ! ومتى دَعَوْناكَ ؟ زِنْ يا أخا القِحَةِ عِشرين… فجعل السوادي يبكي ويقول : كم قُلتُ لذلك القُرَيْدِ أنا أبو عُبَيْدٍ وهو يقول أنت أبو زيد.

بديع الزمان الهمذاني – مقامات الهمذاني

❖ أفهم وأناقش (الأسئلة والأجوبة)

  1. من المحتال في النص؟
    الجواب: عيسى بن هشام.
  2. من الضحية؟
    الجواب: السوادي (الرجل الغريب).
  3. هل نجحت حيلة ابن هشام للإيقاع بالسوادي؟
    الجواب: نعم، نجحت.
  4. ما الذي حمله على هذا التصرف؟
    الجواب: جوعه وإفلاسه.
  5. ما رأيك في الذي قام به المحتال؟
    الجواب: تصرف غير لائق، فيه خداع وتدليس.

❖ الفكرة العامة

  • حيلةُ ابنِ هشام ملأت بطنه، وطمعُ السوادي أفرغ جيبه.
  • قصة احتيالٍ بطلُها ابنُ هشام وضحيتُها السوادي.

❖ الأفكار الأساسية

  • الفكرة الأساسية الأولى: تظاهرُ ابنِ هشام بمعرفة السوادي وتمهيدُ فخّ الضيافة.
  • الفكرة الأساسية الثانية: اصطحابُ الضحية إلى الشوّاء وإغراؤه بالأطعمة.
  • الفكرة الأساسية الثالثة: تخلّي المحتال عنه وتركُه يواجهُ الشوّاء والدَّين.

❖ القيم المستفادة

✦ الجوع قد يُعمي صاحبه عن الحيلة.
✦ الطمعُ مهلكة.
✦ لا تُسلّم ثقتك للغرباء بلا تثبّت.

❖ المغزى

قصصُ الاحتيال كثيرة، وضحاياها أكثر؛ والخلاصة: الطمعُ يعمي، والاحتياطُ واجب.

❖ أنماط النص وبنيته

  • النمط الغالب: السرد – مؤشّراته: الأفعال الماضية (انحنى، جلس، خرج…)، ضمائر الغائب، تعاقب الأحداث.
  • النمط المساعد: الوصف – مؤشّراته: النعوت (ضخم، وثير…)، التشبيهات (كالكحل سحقًا)، أفعال المضارع.
  • النمط الآخر: الحوار – مؤشّراته: ضمائر المتكلم والمخاطب، الجمل القصيرة المتبادلة.

❖ الروابط الزمنية

من النص: ثمّ أتينـا الشواء، ثمّ خرجت وجلست، ثمّ قام السوادي.
الأثر: رتّبت الأحداث زمنيا، وأبرزت تسلسلها المنطقي في القصة.

❖ جدول مقارنة تسلسل الأحداث مع «ثمّ»

الأحداث السابقة الرابط الأحداث اللاحقة
لقاء ابن هشام بالسّوادي ودعوته إلى الطعام ثمّ الذهاب إلى الشوّاء وتناول الشواء والحلوى
الانتهاء من الطعام واقتراح الماء المثلّج ثمّ خروج ابن هشام متعلّلًا بالماء وجلوسه مترصّدًا
تأخّر المحتال وقلق الشوّاء ثمّ مطالبة الشوّاء بالثمن، ضرب السوادي، انكشاف الحيلة

 

تحضير جميع نصوص اللغة العربية للجيل الثاني

2