تحضير نص ثري الحرب

  • المقطع: قضايا اِجتماعية

✦ ثريّ الحرب ✦

يُحكى أن فقيرًا وجد لقمةً ممرّغةً في الوحل فأكلها من شدة الجوع فآتاه الله غنى، ثم لما تكرّرت الحادثة رفسها تكبرًا فعاد إلى فقره. الإشكالية: هل الفقر والغنى دائمان؟ لا؛ دوام الحال من المُحال. وسنرى ذلك في «ثريّ الحرب».


❖ السند:

كنت جالسًا – ذات صباح – مع صديقي في مقهى عربي نتجاذب أطراف الأحاديث، إذ مرّ بنا شخص في أسماله البالية ولفت نظري وسام أخضر اللون يتدلّى فوق صدره، وحيّانا الرجل فردّ عليه صديقي التحية بحرارة ودعاه إلى الجلوس، ولكن الرجل رفض وواصل طريقه في صمت…

وما كاد يتوارى عن الأنظار حتى ابتدرني صديقي قائلًا: ألا تعرف هذا الرجل؟

قلت: لا… لا أعرفه… من يكون؟…

قال: هذا سي شعبان ثريّ الحرب.

قلت: لكن هيأته لا تدل على الثراء في شيء…

قال: كان ثريًّا ثراءً فاحشًا ولكنه اليوم لا يملك قوت يومه فقد ضيّع كل شيء.

قلت: المفهوم من كلامك أنه أثري أثناء الحرب، وعليه فقد رجع إلى حالته السابقة…

قال: هو اليوم في حالة أسوأ…

كان هذا الرجل قبل الحرب العالمية الأخيرة تاجرًا بسيطًا خاملاً؛ لا يكاد يُسمَع به أحد، يقضي كل نهاره وقسطًا وافرًا من ليله في متجره الصغير المنزوي في حيّ من الأحياء العربية… اندلعت الحرب العالمية الثانية ونشطت تجارة السوق السوداء التي فرضت دستورها على العالم، وانخرط شعبان في سِلك هذه التجارة مدفوعًا بوفرة الأرباح… وما كادت الحرب تضع أوزارها حتى وجد شعبان نفسه «سي شعبان» ووجد ثروته تضخّمت فأصبحت تُعدّ بالملايين.

وغيّر المال أطواره، فأصبح حادّ المزاج لا يحتمل مزاحًا من أحد وإن كان مزاحًا بريئًا؛ يفرض احترامه على الكل فرضًا.

كما تغيّرت هيأته وملابسه واحتلت سلسلة ذهبية سميكة صدره تصرخ في وجوه الناس بثراء الرجل وجاهه… أمّا حجرته المتواضعة فأُبدلت بفيلا أنيقة تكدّس الأثاث والرياش في حجراتها تكديسًا… ومما يلفت نظر الزائر مقعد ضخم وثير احتلّ صدر حجرة الاستقبال كان عرشَ سي شعبان لا يجلس عليه غيره، لا يجوز لغيره أن يجلس عليه ولو كان أعزّ أصدقائه…

وشاعت شهرة سي شعبان في البلاد وقصدته جيوشٌ من المحتالين والمرتزقة من كل حدب وصوب يعرضون مختلف المشاريع والصفقات التي كان سي شعبان يشارك فيها بكل سخاء… إلى أن تبدّدت الثروة وبيعت الأملاك في الديون وانفرط عقد الصحب والخلان وذهب الجاه وفرّت زوجه حاملةً معها ما خفّ وزنه وثقل ثمنه ولم يُعثر لها على أثر.

قال صديقي: … وها هو كما ترى أصبح في فاقةٍ مُدقِعة، لم يبقَ له إلّا وسامُه وحرفُ السين…

قلت: لعله لم يجد لهما شاريًا يدفع فيهما فلسًا واحدًا.

أرسل صديقي زفرة وقال: نعم… مع أنه دفع فيهما مئات الآلاف من الفرنكات.

قلت: لعن الله الحرب، ما أكثر ضحاياها في هذا الوجود.

قال: ولعن الله ذئاب البشرية، ما أشدّ خطرها إذا ما أحسّت شهواتها بجوع.


❖ الوضعية الجزئية الأولى: الاستماع والفهم

رصيدي المعجمي: أسمال بالية: ثياب رثّة قديمة.

↳ أفهم وأحلّل

  1. موضوع النص: الطمع والانتهازية يقلبان حياة «شعبان» من بساطة إلى ثراء فاحش ثم إلى فاقة، بعد أن صار لقمة للمحتالين.
  2. لمَ يُعدّ الطمع آفة؟ لأنه يجرّ إلى عبادة المال، ويجرد صاحبه من الأخلاق، وتصحبه رذائل كالتكبر والأنانية.
  3. صورة البطل:
    • قبل الحرب: تاجر بسيط خامل، قنوع، مغمور.
    • بعد الحرب: ثروة بالملايين، حدّة مزاج، فرض احترام، مظهر متبختر.
    • النهاية: احتيال المرتزقة عليه، تبديد الثروة، الفاقة، هروب الزوجة.
  4. إسقاط الواقع: كثرة «سي شعبان» اليوم؛ السعي المحموم للمال بأي وسيلة، وغلبة النظرة المادية التي تقدّس الغني وتزدري الفقير.
  5. كيف نواجه الآفة؟
    • العودة إلى الله وتجنب طرق الكسب الملتوية.
    • تربية النفس على القناعة والرضا.
    • اختيار الصحبة الناصحة والحذر من المحتالين.
    • اتخاذ المال وسيلة لا غاية، والنظر إلى من هو دونك.

مضمون منطوق الدرس: لم يرضَ «شعبان» بالبساطة فاتخذ الانتهازية سلّمًا، فأغنته السوق السوداء ثم أفقره المحتالون فأعيد إلى سيرته الأولى.


❖ أستكشف الفكرة العامّة

  • تدمّر شعبان من البساطة وقصته مع السوق السوداء وتكالُب المحتالين لإفقاره.
  • الطمع والانتهازية يصنعان «سي شعبان»… والسذاجة والمرتزقة يُفقرانه.

❖ تحليل الخطاب وتحديد نمطه: السرد

المقطع: [اندلعت الحرب… تُعدّ بالملايين]

رصيدي المعجمي: تضع أوزارها: تنتهي (كناية).

الأفعال الواردة زمنها دلالتها
اندلعت – نشطت – فرضت – انخرط – كادت ماضٍ حركة تُعبّر عن تطوّر الأحداث
وجد – تضخّمت – أصبحت – تُعدّ ماضٍ اكتمال التحوّل نحو النتيجة
الأحداث تسلسلها الزمني
اندلاع الحرب العالمية الثانية 1
انتعاش تجارة السوق السوداء 2
انخراط سي شعبان فيها 3
انتهاء الحرب وتضخّم الثروة 4
الروابط أمثلة
حروف العطف الواو – حتى – الفاء
أسماء موصولة التي
أسماء إشارة هذه
زمان/مكان الحرب العالمية الثانية – السوق السوداء
الشخصيات الشخصية الرئيسة الضمائر الغالبة عائدها
الراوي – الصديق – شعبان شعبان ضمائر الغائب شعبان

نوع الخطاب: قصة. أهم نمطها: السرد.


❖ تحليل الخطاب وتحديد نمطه: الوصف

المقطع: [أمّا حجرته المتواضعة… أعزّ أصدقائه]

رصيدي المعجمي: الرِّياش: الأثاث الفاخر – وَثير: وطيء ليّن.

  1. وصف المنزل: فيلا أنيقة، تكدّس الأثاث والرياش في الحجرات.
  2. مواصفات مقعد الاستقبال: مقعد ضخم وثير في صدر الحجرة (عرش سي شعبان).
  3. الدلالة: مظاهر ثراء وبذخ وتباهٍ وتمظهر.
أفعال زمن دلالة
أُبدلت – تكدّس – احتلّ – كان ماضٍ الحركة والتحوّل
يلفت – يجلس – يجوز مضارع الحال والاستمرارية
نعوت دلالتها
متواضعة – أنيقة – ضخم – وثير رسم صورة دقيقة للموصوف وتقريب ملامحه

لم يكتفِ الكاتب بالسرد: انتقل إلى الوصف لتثبيت تفاصيل التحوّل بالمشاهد الحسية.


❖ تحليل الخطاب وتحديد نمطه: الحوار

المقطع: [وما كاد يتوارى… حالة أسوأ]

رصيدي المعجمي: يتوارى: يختفي – ابتدرني: سبقني بالكلام.

  • الضمائر الغالبة: المتكلّم (قلتُ…)، المخاطَب (ألا تعرف…؟).
  • السبب: وجود شخصيتين تتبادلان أطراف الحديث (مرسل/متلقّي) مع تبادل الأدوار.
  • العلاقة بين الجُمل: استفهامية/جوابية، جُمَل قصيرة، نبرة متغيّرة.
  • المؤشّرات: علامات استفهام، أفعال قول (قال، قلت)، ضمائر المخاطبة، إيقاع سريع.

❖ قيم مستفادة

  • القناعة رأس الغنى، والطمع طريق الفاقة.
  • المال وسيلةٌ لا غاية؛ وصحبة السوء تُبدّد المدّخرات والسمعة.
  • مظاهر الترف لا تُغني عن العمل الشريف ولا تُقيم مقام الكرامة.

❖ أقوِّم مكتسباتي

  1. اكتب فقرة (6–8 أسطر) تُبيّن فيها كيف يمكن للشاب أن يحمي نفسه من جشع الثراء السريع، مستشهدًا من النص.
  2. حوّل فقرة «الوصف» إلى نقاط مفاتيح تبرز مظاهر الترف عند سي شعبان.
  3. استخرج من مقطع «السرد» ثلاثة روابط زمانية، وبيّن أثرها في تماسك السرد.

❶ فقرة (6–8 أسطر): كيف يحمي الشاب نفسه من جشع الثراء السريع؟

يحمي الشابّ نفسه من جشع الثراء السريع حين يدرك أنّ المال الذي يأتي بلا ضوابط يجرّه إلى المسالك الخاطرة كما حدث لـ«شعبان» عندما
«انخرط في السّوق السوداء مدفوعًا بوفرة الأرباح».
تبدأ الوقاية بجعل المال وسيلة لا غاية، وباجتناب الطرق الملتوية مهما أغرت بأرباح عاجلة.
كما يلزمه التثبّت من الصحبة؛ فـ«جيوش المحتالين والمرتزقة» لا تحيط إلا بمن يستبدّ به الطمع.
ومع كل خطوة مالية، يعود إلى معيار القناعة والشفافية، ويتذكّر أنّ مظاهر الثراء لا تحمي صاحبها؛ فقد
«تكدّس الأثاث والرياش» ثم
«تبدّدت الثروة وبيعت الأملاك في الديون».
هكذا يصون كرامته ومستقبله، ويقطع طريق «الثراء السريع» قبل أن يقطعه هو عن قيمه.


❷ مظاهر الترف عند سي شعبان (تحويل فقرة الوصف إلى نقاط)

  • المسكن: استبدال الحجرة المتواضعة بـ فيلا أنيقة.
  • التأثيث: تكدّس الأثاث والرياش (أثاث فاخر) في الحجرات تكديسًا.
  • الهيئة الشخصية: سلسلة ذهبية سميكة تتدلّى على الصدر «تصرخ بثرائه وجاهه».
  • «العرش»: مقعد ضخم وثير في صدر حجرة الاستقبال لا يجلس عليه غيره.
  • السلوك الاجتماعي: فرض الاحترام فرضًا وحدّة مزاج وعدم تقبّل المزاح.
  • الشهرة والصفقات: شيوع الصيت واستقبال مشاريع وصفقات من كل حدب وصوب.

❸ روابط زمانية من السرد وأثرها في التماسك

  • «قبل الحرب العالمية الأخيرة»: حالة البداية (تاجر بسيط خامِل).
    الأثر: نقطة انطلاق واضحة تُقاس عليها التحوّلات.
  • «اندلعت الحرب العالمية الثانية»: الحدث المفصلي الذي غيّر المسار.
    الأثر: يدفع السرد من السكون إلى الحركة (نموّ الثروة).
  • «وما كادت الحرب تضع أوزارها حتى…»: اقتران زمني سببي بين انتهاء الحرب وتضخّم الثروة.
    الأثر: تتابع منطقي سريع يزيد ترابط الوقائع.
  • «إلى أنْ تبدّدت الثروة…» (رابط غاية): يُحكم مسار الانحدار للنهاية.
    الأثر: يغلق قوس التحوّل ويُظهر اكتمال الطريق من الغنى إلى الفاقة.

تحضير جميع نصوص اللغة العربية للجيل الثاني

2