النص : (الرجاء قراءة النص مرتين على الأقل لإستعابه)
الإنسانية تلك الأم الرؤوم التي لا تحابي واحدا من أبنائها دون آخر ولا تميز بين بار منهم وفاجر, ولا تفرق بين مؤمن منهم وكافر, تلك الأم المعذبة بالويلات والمحن. من ويلات الحروب التي أتلفت الملايين إلى ويلات الأمراض والطواعين إلى ويلات الزلازل والبراكين. الإنسانية التي لو تمثلت بشرا لتمثلت بقول الشاعر العربي :
فَلَوْ كَانَ رَمْحًا وَاحدًا لاتَْقيْثةُ ... ولَكنَهُ رمح وَثَان وَثَالث , عجيب لهذه الإنسانية ما كفاها من مصائب الدهر تقاطع أبنائها وتدابرهم. ونصب الحبائل وبث المكائد لبعضهم بعضا. ما كفاها من مصاتب الدهر أن يكون في أبنائها قوي يستعبد ضعيفاء وشريف يستخدم مشروفا.
ماكفاها أن تنقلب الحقائق على أبنائها المارقين العاقين فيركبون مطايا الخير للشر, ويستعملون سلاح النفع للضر. ويتوسلون بالدين لجمع الدنيا, ما كفتها هذه المصائب المجتاحة. حتى ظاهرتها الطبيعة الجبارة على هذه الإنسانية المسكينة.
يا لله أما كفتها مصائب الأرض حتى تظاهرها مصائب السماء؟ ألا فليرحم الإنسانية من في قلبه رحمة. ألا وان الإنسانية تستغيث فهل من مغيث؛ وتستنجد فهل من منجد؟ استغاثت الإنسانية قديما بأبنائها الصادقين؛ على أبنائها المارقين. استغاثت من المفسدين لنظام الفطرة. والعاملين على تفريق هذه الأسرة فأغاثها الأنبياء والمرسلون وَالعباد الصالحون. واستغاثت من عباد المادة الحائدين عن الجادة. فأغاثها أنصار الروح, والمقدسون للروح. والقائلون بخلود الروح. واستغاثت من أعداء العقل المفكر, وعباد الحس والمحسوس, فأغاثها الحكماء الربانيون والفلاسفة الإشراقيون. واستغاثت من طواغيت الاستبداد وقياصرة الاستعباد. فأغائها دعاة الديموقراطية وأنصار المساواة والإنصاف فما كاد المتنبي واضع شريعة التمايز بين السادة والعبيد يجف ثراه. حتى قيض الله له فيلسوف المعرة ناسخا لتلك الشريعة الجائرة. ومبشرا بشريعة الأخوة السمحة. واستغاثت من المشعوذين المحتالين. والممخرقين المبتدعين والضالين المضلين. الذين يستغلون جهل الجهلاء. ويمتصون دماء البسطاء البائعين للشفاعة. العابدين للوهم. المغترين بالأسماء والألقاب, وشهرة الأنساب. الوارثين مما لا يورث من التسلط على العباد. بعظمة الآباء والأجداد - فأغاثها العلماء المصلحون. وحزب الله المفلحون. وهي الآن تستغيث من داهيتين وتستجير من غائلتين. ولا ندري متى تغاث. ولا في أي وقت تجاب. هي تستغيث من داهية الحرب وتحكيم السيف في مواقع الخلاف.
فمتى يقف عقلاء الأمم بين الصفين موقف دعاة التحكيم يوم صفين؟ لا ندري. ولا ندري لماذا لاندري. وهي تستغيث من غائلة الفقر وشروره وجيوشه التي يجزها من خراب العالم.لتخريب معموره. فمتى يفقه أغنياء الأمم هذا السر, فيعملون على اتقاء الشر؟ لا ندري ولا ندري لماذا لا ندري.
إنما الذي ندريه؛ ونقوله ولا نخفيه. هو أنه لو تساند أغنياء الأمم ومدوا أيديهم متعاضدين. وعرفوا كيف يحاربون الفقر باستجلاب الفقير والأخذ بيده لأحسنوا لأنفسهم وللعالم. ولو فعلوا ذلك لدفعوا عن العالم غارة شعواء تلتهم الأخضر واليابس. وشرا مستطيرا يستأصل. بل لو بذل أغنياء المسلمين ما أوجبه عليهم الإسلام من الزكاة. وعرف عقلاؤهم كيف يستخدمونها لقاموا ببعض من هذا الواجب الاجتماعي. هذه نفثة مصدور. وللنفوس ثورة ثم تسكن.
أستمع إلى الخطاب و أفهم مضمونه:
س: ماذا يعالج الكاتب في هذا الخطاب ؟
ج- يعالج الكاتب قضية الانسانية.
س: ما مفهوم الإنسانيّة حسب الخطاب ؟
ج- شبه الكاتب الإنسانية في خطابه بالأم الرؤوم العطوف على أبنائها تلازمهم في سرائهم وضرائهم.
س: ما الهدف من اثارة هذه القضية؟
ج- الهدف من اثارتها توعية الناس الى ضرورة التحلي بالقيم الانسانية بعد ان انتشرت مظاهر الظلم و الفساد.
س: اذكر بتعبيرك سبب استغاثة الإنسانية.
ج- لشدة ما أصابها من أهوال الحروب و الاستبداد والفقر نطقت بصرخت واستنجدت.
س: هل ما تستغيث منه الإنسانية قديم أم حديثا في رأي صاحب الخطاب ؟ علّل إجابتك.
ج- قديم لأن ما تعاني منه هو منذ وجود الإنسان فوصفها صاحب النص بمصائب الدهر، في القديم استغاثت قديما بابنائها الصادقين، على ابنائها المارقين استغاثت من المفسدين للنظام و العاملين على تفريق هده الاسرة فأغاثها الانبياء و المرسلون…
س: إلام تؤدي مشكلات الانسانية ؟
ج- تؤدي مشكلات الانسانية على اختلافها الى مشكلة وحيدة و هي تفرق الناس و انتشار العداوة بينهم و فناء البشرية.
س: علّق على الحلول التي قدمها الكاتب ؟
ج- تختلف من رأي لآخر.
- تشبيه الكاتب للإنسانية بالأم الرؤوم.
- إستغاثة الإنسانية واستنجادها من أهوال الحروب و الامراض ومختلف المشاكل.
- مجموعة حلول للرقي بالقيم الإنسانية.
أو يمكننا القول:
- معاناة الانسانية بين نكبات الطبيعة و مصائب الدهر.
- تاريخ استغاثة الانسانية و استنجادها من اهوال الحروب و الامراض و مختلف المشاكل و استجابة خيرة البشر لنجدتها.
- ضرورة تكاثف الجهود لانقاذ الانسانية من الحرب و الفقر.
أثري رصيدي اللغوي :
- الرؤوم : الحنون.
- تحابي : تتساهل.
- ويلات : المصائب.
- المحن : الصعاب.
- تدابرهم : تقاطعهم.
- المارقين: الخارجين عن دينهم.
- الممخرقين : الكاذبين.
الفكرة العامة : يمكنك اختيار فكرة عامة من الأفكار التالية:
- التوعية إلى التحلي بالقيم الإنسانية بعد انتشار مظاهر الظلم والفساد.
- معالجة قضية الإنسانية وما تواجهه من مشاكل و آلام.
- الانسانية أم أرهقتها المصائب ٌّو الفساد فاستغاثت بكل من له رحمة في الفؤاد.
- بلايا الارض و رزايا السماء شوكتان في حلق الانسانية و الكاتب يقترح الحلول.
- تحدث الكاتب عن الإنسانية وما تمر به من مصائب وأهوال.
- ضرورة التحلي بقيم الانسانية للقضاء على الحروب و الفقر.
المغزى العام من النص :
- منبر الإنسانية قلبها الصامت لاعقلها الثرثار.
- كثيرون على قيد الحياة ، قليلون على قيد الانسانية .
- أن تكون انسانا فهذا قدر ، أما ان تكون انسانا فذلك اختيار .
- كانت الانسانية لتكون سعيدة منذ زمن لو أن الرجال استخدموا عبقريتهم في عدم ارتكاب الحماقات بدل أن يشتغلوا باصلاح حماقات ارتكبوها . “جورج برناد شو “
التعديل الأخير: